Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
التطور والداروينية

كائن برمائي جديد ينعش مخيلة التطوريين

حوت جهنم

كائن برمائي جديد ينعش مخيلة التطوريين

نشرت مؤخراً دراسة وصفية (1) لكائن برمائي أنعشت مخيلة التطوريين الواسعة.
الكائن المكتشف والذي تمت تسميته (Aegicetus gehennae) ينتمي إلى عائلة (Protocetid) والتي يصر التطوريون على تصنيفها على أنها “حيتان بدائية”.. وبالطبع فإن إطلاق اسم حيتان على هذه الكائنات في حد ذاته أمر مشكوك فيه ومبني في الأساس على نظرة تطورية للأحافير كنوعٍ من الاستدلال الدائري!
مثلاً، كائن مثل (Pakicetus) الذي عاش منذ 50 مليون سنة تقريباً والذي سمي “الحوت الباكستاني” بسبب عظمة أذنه التي تشبه نوعاً ما عظمة الحيتان هو كائن بري كليةً وهذا باعتراف مكتشفي حفريته المكتملة (2).
يعني في عوض القول بأن تكوين بعض عظام الحيتان ليس صفة فريدة، فإن التطوري يسارع إلى تفسيرها على أن هذه الكائنات “حيتان بدائية برية”.. رغم أنه تم رفض وجود تلك التشابهات نفسها مع كائنات أخرى (كفرس النهر) على أنه تطور متقارب convergent evolution حدث بالصدفة في العائلتين دون علاقة قرابة! (3)
بالنظر إلى الأحافير باستخدام النظارات التطورية، سيبحث التطوري عن أي شيء يؤكد إيمانه المسبق، وهذه الظاهرة النفسية معروفة باسم “الانحياز التأكيدي” أو “Confirmation bias”.. فمثلاً عائلة (Protocetid) كلها يُدَعى أنها “حيتان” بشكل أساسي بناءً على تشابهها في بعض عظام الأذن مع الحيتان! على الرغم من الاختلافات الكبيرة بينها وبين الحيتان الحقيقية في الكثير من الصفات الأخرى! لكن في عوض اعتبارها كائنات فريدة لا علاقة لها بالحيتان خاصة وأن كائنات برية بالكامل، مثل: (Pakicetus) و(Ichthyolestes) أيضاً تمتلك هذه العظام نفسها، ومع أن كائنات أخرى تتشابه مع الحيتان في بعض صفاتها بل وتركيبها الجيني، سيظل التطوري مؤمناً بوجود تطور متدرج.. كل ما عليك فعله كتطوري أن تعثر على حفرية ما وتسميها “حوتاً” وانتهت المشكلة!
يخبرك التطوري أيضاً أن النظرية تفسر (تطور كل الكائنات) لكنه لا يلبث أن يلفت نظرك إلى التشابه في 10% ويترك عمداً تفسير الاختلاف في 90% منها، مع أن النظرية تعد في الأساس بتفسير حدوث التغيرات (التطور) وليس نشأة التشابهات، فستجد الدراسة هذه مثلاً تركز على أن هذا الكائن كان متكيفاً للسباحة في الماء باستخدام ذيله (وليس زعنفة ذيلية لأنها غير موجودة أصلاً).. لكنها لن تخبرك حتماً كيف تطور هذا الكائن إلى حوت بحري كامل (fully aquatic whale) ولا كيف نشأت هذه المجموعة الكبيرة من السمات المورفولوجية والوظيفية والعضوية والجينية غير المتوفرة في تلك الحفريات البرية أو البرمائية، على سبيل المثال:
– شرب المياه المالحة
– آليات فسيولوجية لتبادل الأكسجين والغطس لمسافات طويلة
– آليات تراكم حمض اللبنيك
– نظام شامل لتخزين الدهون
– نظام تنظيم درجة الحرارة الفريد – countercurrent heat exchange
– تغير الجلد الخارجي لغطاء مرن دهني سميك
– نظام تحديد المسافات والأجسام بالصدى – echolocation system
– نظام للرؤية تحت الماء وتحمل الضغط
– فتحة التنفس العلوية – blowhole
– الزعنفة الذيلية بشكلها الكامل
– نظام مختلف للتكاثر والولادة تحت الماء
– فقد الحوض والفقرات العجزية
– تشكيل الجهاز العضلي
كل هذه التغيرات لن يخبرك عنها التطوري شيئاً، بل سيسحبك بعيداً إلى تشابهات هم أنفسهم فسروها من قبل على أنها لا تستلزم أسلافاً مشتركة حين لا يوافق “السيناريو” هواهم!
من الأدلة القوية كذلك على أن “سلسلة تطور الحيتان” والتي يحتفي بها التطوريون على اختلاف ألوانهم وألسنتهم على أنها من أقوى أدلة التطور الكبروي، ما هي إلا وهم ناتج عن النظر للسجل الأحفوري بطريقة انحيازية تأكيدية على ما يلي:
1- النمط الغالب على السجل الأحفوري هو غياب هذه “السلاسل التطورية”، فما نتوقع وجوده لو صح التطور ليس سلسلة أو سلسلتين هنا وهناك، ما نتوقعه ليس وجود حلقة انتقالية هنا وهناك! بل المتوقع هو وجود آلاف السلاسل المكتملة ومئات آلاف السلاسل المكتملة جزئياً وملايين الحلقات الانتقالية التي توثق تطور معظم المجموعات الحيوانية وعلى كل مستويات التصنيف (أي كيف ظهرت الأنواع والأجناس والعائلات والرتب والأصناف والشعب والممالك!)
إذاً، فغياب هذا النمط المتوقع هو دليل قوي على أن بعض الأمثلة التي تُقدم لنا على أنها أدلة قوية للتطور ما هي إلا وهم ناتج عن الانحياز التأكيدي للتطوريين!
2- غياب الترتيب الزمني في هذه السلاسل
الدراسة المنشورة مؤخراً هي مثال جيد، فالكائن المكتشف تم الاحتفاء به على أنه حلقة انتقالية تربط الكائنات البرمائية من عائلة (Protocetids) بالحيتان الحقيقية البحرية مثل (Basilosaurus)!
لكن الغريب أن هذا الكائن وجد في الموقع الجغرافي نفسه وفي طبقات الأرض نفسها التي استخرج منها بعض حفريات الحيتان البحرية (1)
بل والأسوأ أن هذا الكائن عاش منذ 35 مليون سنة تقريباً، أي بعد ملايين السنين من ظهور أقدم حوت بحري كامل معروف (4) منذ 40 إلى 46 مليون سنة تقريباً! فكيف يتم جعله حلقة وصل أو شكلاً انتقاليَّاً بين هذه الكائنات؟
بل إن الدراسة نفسها توثق أن ما تم العثور عليه من أجزاءِ عظامٍ هي تقريباً نصف العظام المفترض وجودها؛ إذ عثر على 95 قطعة من العظام، و17 قطعة جزئية محطمة، مع غياب كامل لعدد 99 عظمة غير موجودة يقول الباحثون إنهم قد (افترضوها) بناءً على حفريات أخرى من العائلة، فيقولون:
“Missing elements are known or expected based on comparison with the skeleton of Maiacetus inuus”
فهي في الحقيقة “نصف حفرية” تم افتراض بقيتها على أساس مقارنتها بغيرها ووضعها في إطارها! ومع ذلك، فالاختلافات بينها وبين الحيتان البحرية لا تزال كبيرة للغاية! ومع أن الدراسة تخبرنا أن هذه الحفرية لكائن يسبح ويستخدم ذيله في السباحة، فإن فقرات الذيل الاثنتي عشرة الأخيرة (من Ca10 إلى Ca21) غير موجودة، والفقرات من Ca6 إلى Ca9 مشوهة.
بل ما يثير العجب أن الصفحات والمجلات التطورية سارعت إلى نشر صور “تخيلية” كالعادة لهذه الحفرية (الموجودة في صورة المنشور) وصورته على أنه كائن ذو أغشية على الأصابع وبزعنفة ذيلية (Fluke) مع أن الدراسة نفسها تقول إن الحفرية لم يكن لها زعنفة ذيلية!
“It is doubtful that A. gehennae had a tail fluke”
خلاصة القول:
الدراسة الجديدة لم تزد ادعاء التطوريين بصحة التطور إلا في أعينهم هم بسبب أنهم يؤمنون به أصلاً!
ما فعلته الدراسة هو تقديم مثال آخر على الانحياز التأكيدي للتطوريين في التعامل مع الأدلة المتوفرة وأيضاً على كون “تسلسل الحيتان” مجرد نتاج هذا الانحياز بسبب الزمان والمكان اللذين وجدت فيهما أحفورة هذا الكائن لا غير، مع غياب كامل لأي تفسيرات عن التطور المزعوم للاختلافات بينه وبين الحيتان البحرية، والتي هي في الحقيقة موجودة في أزمنة أقدم منه!
المصدر
1) https://journals.plos.org/plosone/article?id=10.1371%2Fjournal.pone.02253912) https://www.nature.com/articles/news010920-113) www.sciencedaily.com/releases/2001/09/010920072245.htm4) http://www.bioone.org/doi/full/10.5710/AMGH.02.02.2016.2922

أشرف قطب

حاصل على بكالوريوس العلوم في تخصص الكيمياء الحيوية من جامعة بنها في مصر، وماجستير العلوم في إدارة نظم المعلومات، وماجستير الإدارة في تخصص إدارة المعلومات، وماجستير العلوم في إدارة النظم الهندسية، من جامعة ليستر في بريطانيا.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى